أمسية وفاء على المدرج الروماني تحية لعاصي ومنصور وزياد الرحباني

من حين لآخر يُثبت بعض اللبنانيين أنهم أوفياء لروادهم في الموسيقى والثقافة والغناء، فكيف الحال مع كبار كبارنا، الأخوين عاصي ومنصور ومع جيل الرحابنة الأبناء وأبرزهم زياد الرحباني؟

في هذا السياق ، شهد لبنان أمسية رحبانية استثنائية على المدرج الروماني في زوق مكايل، قضاء كسروان، حضرها أكثر من سبعة آلاف شخص. حملت الأمسية عنوان “في حضرة عاصي ومنصور.. وزياد”، ونُظّمت بدعوة من “التجمّع الوطني للثقافة والبيئة والتراث” وبلدية زوق مكايل ومعهد “فيلوكاليا”، برئاسة الأخت مارانا سعد، التي تولّت أيضًا إدارة الفرقة الغنائية والموسيقية، مقدمين عرضا غنائيا وموسيقيا استثنائيا احتفى بتراث الرحابنة في لبنان.

وحضر الأمسية أفراد من أسرة الرحابنة في مقدمتهم غدي الرحباني، والفنانة هدى حداد شقيقة السيدة فيروز، إلى جانب الفنانين مارسيل خليفة وشربل روحانا وعدد من الشخصيات السياسية والإعلامية. واستُهلّت الأمسية بتراتيل للفنان الراحل زياد الرحباني بينها “كرياليسون” و”طوبى للساعين” بصوت ربيكا يوسف، قبل أن تعتلي الفنانة صاحبة الصوت الفيروزي رفقا فارس المسرح لتؤدي باقة من الأغاني الرحبانية من مسرحيات “ميس الريم”، و”بياع الخواتم”، و”فخر الدين”، مرورًا بروائع زياد الرحباني مثل “فايق يا هوا” و”دقّوا المهابيج”، وصولا إلى الختام مع الفنان غيلبير الرحباني بأغانٍ من مسرحية “صيف 840”.

كما شهدت أمسية الوفاء الجميلة إطلالات للفنان صاحب الصوت الاذاعي الرخيم جهاد الأطرش، قدّم خلالها ببلاغته قراءات فنية استحضرت أجواء المسرح الرحباني وأبعاده التاريخية والوطنية. وزاد من تميّز الأمسية العروض الراقصة لفرق الدبكة الفولكلورية، بينها “الأصايل”، و”الأنوار – شحيم”، و”برجا للفنون الشعبية”، و”أفراح غروب”، التي أضفت لمسة من الفرح والحماسة الشعبية.

وفي ختام الأمسية التي أعادتنا الى الذاكرة والى ما يمثله الرحابنة من مدرسة في الفن الراقي لبنانياً وعربياً وعالمياً ، والتي تولّت جولييت سلامة اخراجها، ألقت الأخت مارانا سعد ، بحضورها الراقي والأنيق ، كلمة قالت فيها:”سلام إلى عاصي ومنصور وزياد. في حضرة عاصي ومنصور وزياد، لا نقف فقط أمام عباقرةٍ من زمن جميل، بل أمام ذاكرةٍ حيّة، جعلت من الفنّ هوية، ومن الأغنية بيتًا، ومن المسرح وطنًا لا يغيب أبدًا. ما أقامه عاصي ومنصور لم يكن مجرّد ألحانٍ وشعر كان رؤيةً، وصرخةً، وأملًا كان حلمًا بصوت مرتفع. كانا يُعلّماننا من دون أن يَفرضا، يحرّكان فينا الوطنية من دون أن يُسمّياها، يُربّياننا على العزّ والحبّ والكرامة من دون أن يُلقيا محاضرة. واليوم  في هذا الزمن الصعب، يقف جيلٌ جديد، يحمل صوته كأمانة، جيلٌ من فيلوكاليا، لا يُقلّد بل يُكمل، لا يُردّد فقط، بل يُعيد الحنين إلى النشيد وموسيقى زياد، أضافت إلى هذا الإرث نكهةً خاصّة، تحمل سُكر الموسيقى وعمقها، وتمتزج بالوجع والفرح، بالحلم والتمرّد”.

وأضافت الأخت مارانا سعد:”يا عاصي، يا منصور، وزياد، يا أغنيتنا، يا فيروز، يا فيليمون، ويا إلياس، نَعِدكم أن نبقى أوفياء، أن نحمل هذا التراث لا كفرضٍ نُردّده، بل كرايةٍ نرفعها بالفرح، والعنفوان، والحرّية. أن نُغنّي للناس، لا عليهم، أن نبقى أحرارًا حتى حين تضيق المسارح، فمن تربّى في مدرستكم لا يخشى الصمت، بل يصنع منه أغنية. هذا الحفل ليس فقط تحيّة، بل ولادة مستمرّة. وهذا الجيل ليس فقط جمهورًا، بل ورثة الحلم الرحباني. من قلوبٍ تُحبّ، ومن أصواتٍ تُقاوم باللحن، نرفع تحيّة خاصّة: إلى الممثل القدير جهاد الأطرش، لحضوره المميّز بشخصه وصوته الدافىء، إلى جيلبير ورفقا، لصوتيهما المتميّزين، إلى الفرقة الموسيقية، إلى أصوات الجوقة التي تحمل اللحن رسالةً حيّة، وإلى إيقاع فرق الدبكات الذي أضاف للحفل فرحًا ونبضًا من روح الأرض. وإلى تجمّع الوطني للثقافة والبيئة والتراث بشخص رئيسه الأستاذ أنطوان أبو جودة، وإلى بلدية زوق مكايل، وبخاصة رئيس الاتحاد على دعمه المستمر للثقافة والفنون، وإلى كل فريق العمل الذي بذل الجهد لإنجاح هذه الأمسية. وتحيّة شكر ووفاء أخيرة إلى عائلة الرحابنة، الحاضرين والغائبين: أنتم الشجرة التي ما زالت أغصانها تُثمر فنًّا وحبًّا وكرامة، نقول لكم جميعًا: شكرًا على النور الذي زرعتموه فينا، على النبض الذي لا يتوقّف، وعلى الصوت الذي لن يموت. كونوا مطمئنّين فالنار التي أوقدتموها في الكلمة والنغمة، في صوت فيروز، ما زالت تُنير… وستبقى تُنير. كل الحب”. وتوجهت بالشكر الى من ساهم في انجاح الحفل.  كما تمّ تسليم دروع تكريمية الى الاخت مارانا والفنانين رفقا فارس وجيلبير الرحباني وجوقة “فيلوكاليا”.

Comments (0)
Add Comment